الثلاثاء، 13 نوفمبر 2012

فهرس حوارات الكاتبة نادية كيلانى

عداد زوار مخصص لهذا البلوج
فهرس حوارات الكاتبة نادية كيلانى

حوارهــا مـع نجيب محفـوظ

السياسة والأدب والمرأة عند نجيب محفوظ


<
رحلة داخل أعماق الدكتورة عائشة راتب

حوارها مع السيدة "زينب حسن حمدي"


مــع رشـــــــدى خليفــــة


نادية كيلانى تفتح النار على الكبار: الحجاب أمر ملزم لا يترك للآراء والاختيارات والأهواء

مع إبراهيم خليل ابراهيـم


نادية كيلاني.. هذه قصتي مع الصحافة والكتابة



كاتبة ترد علي رؤية إقبال بركة "العصرية" للحجاب


الكتابة النسائية مشاركة إيجابية في المجتمع
 
العودة إلـى أبـواب الموقـع
 أشـــعار فصحـى 
 أشـــعار وأغانـى 
 أغانـــى للطفــل 
 قصـص للأطفــال 
 قصـص قصـــيرة 
 نثـــــر أدبــــى 
 ســير الصـالحين 
 مقــــــــــــالات 
 لقاءات وحـوارات
دراسـات نقديــة

نادية كيلانى تفتح النار على الكبار الحجاب أمر ملزم لا يترك للآراء والاختيارات والأهواء حاورها .. رشدي خليفة

أتبعنا صورة الحوار المنشور أعلاه بالنص الكامل له؛ نقلاً عن شبكة صدانا ليتمكن الزائر الكريم من الاطلاع عليه بوضوح
**************************************************************
نادية كيلانى تفتح النار على الكبار
الحجاب أمر ملزم لا يترك للآراء والاختيارات والأهواء
حاورها .. رشدي خليفة
هى كاتبة تثير التساؤل وتستحق التوقف أمام نتاجها. أديبة تحمل الكلمة والسيف معا. تكتب بلغة الشعراء وتدافع عن الحق دفاع الفرسان. حوارنا معها قفز فوق التقليدية المعهودة فى كل حوار. وانتقل ليكتسى بصبغة الهجوموالدفاع خاصة وأن الأديبة هاجمت الكبار وفندت الأخطاء والمثالب وألفّت كتابا أرضىالأغلبية وأغضب آخريات
إنها نادية كيلانى كاتبة جمعت بين ثلاثة فنون ومهنةواحدة . كتبت الشعر بإجادة والقصة بحرفية والرواية باتقان واشتغلت بالصحافة مهنةالمبدعين … التقيناها لنسأل عن (الحجاب) الذى أثار خلافا واختلافا بينها وبين إقبالبركة لنعرف من على خطأ ومن المصيب . نسأل عن الطرح الرصين فى القضايا الدينية وعنالرومانسية التى حملتها مؤلفات الأدب. نسأل عن اتحاد الكتاب - بيت الإبداع وحافظتهالأمينة- أين هو الآن من الحركة الأدبية الكسيحة ؟ وأخيرا نسأل عن الرجل فى حياةكيلانى والتى وصفته مرارا بالكنز المفقود.؟!!!
أسئلة كثيرة طرحناها علىالكاتبة نادية كيلانى ومع زحام الأسئلة وكثرتها كان الجواب الدال بحق على جرأةالناجحات. فتعالوا نقرأ الدفاع والهجوم ونسمع صوت كيلاني محمولا على سطور الورق .
الحجاب قضية وخلاف
* هجومك علىإقبال بركة فى كتابها ( الحجاب رؤية عصرية ) هل كان مدفوعا بحرصك على تأصيل فضيلةالحجاب أم تصفية حسابات لخلافات المسيرة الصحفية الطويلة معا ؟
**أنا لست علىخلاف مع الكاتبة اقبال بركة وليس بيننا حسابات نصفيها اليوم على صفحات الكتب فهىرئيسة تحريرى ومن قبل أحمل لها كل الحب والتقدير ولكننى امرأة غيورة على دينى وأرىان المساس بهذا الجانب تحديدا يثير حفيظتى للرد المنطقى الممنهج والمستند على نصوصوركائز لا على آراء واجتهادات . كما اننى لم انتقد إقبال بركة فى كل ماكتبت - فهىأديبة ومبدعة وصحفية مجيدة - بل فى بعض ماكتبته وهذا يؤكد حياديتى وموضوعيتىوبراءتى من تهمة النقد لمجرد النقد . واسمح لى أن أنوه إلى جانب مهم أن العلاقاتبين الأشخاص مهما قويت أواصرها لايمكن أن تكون فى يوم من الأيام حاجزا يحول بينالانسان وكلمة الحق .. هذا منهجى فى الحياة والذى أعتز به ولن أحيد عنه أبدا .
*اقبال بركة لم ترفض الحجاب بل واكبت عصرها برؤية متوافقة مع متطلبات الجيلولم تكتب بسيف الالزام بل تركت الحجاب وكشف الشعر خيارا مطروحا أمام الفتاة فلماذاإذن الهجوم ؟
**الحجاب أمر ملزم لا يترك للآراء والاختيارات والأهواء كما أنفتح هذه النافذة اليوم سيغير لا محالة فى مفاهيم بنات الجيل من ذوات العقول البكروالتى يسهل تشكيلها خاصة واذا كانت من توجه لهم الطرح والخطاب كاتبة موثوق فىمصداقية قلمها كما أننى أرى أن هناك قضايا قوية تستحق المعالجة وبمقدورها إثراء فكرالفتيات أما السعى لتعزيز السفور والتأكيد أن ترك الشعر ونزع الحجاب ليس ضد ديننا فهذا ما أرفضه أنا ويرفضه ذوات الفطرة السليمة.
*هناك من يرمى إلى أن ناديةكيلانى اعتلت جواد الدفاع عن الدين لقناعتها إنه جواد رابح وتخيرت تفنيد أخطاءالكبار من أجل الصعود إلى بؤرة الضوء .. هل تتفقين مع هذا القول ؟
**هذا الزعم مردود على صاحبه فأنا لم اعتل صهوة هذا الجواد الرابح لأكتسب شهرة فمن يعرفنى عنقرب يدرك أننى كتبت مؤلفات دينية عدة كان أبرزها عجائب سورة البقرة، والنور،والعنكبوت، وكتبت عن الأئمة الأربعة، ولى كتاب بعنوان الدعاء المستجاب، وآخر بعنوانالآداب الاسلامية ايتيكيت فى ايتيكيت، وكلها عن مركز الراية للنشر والاعلام.. كماأننى امرأة لا أزايد على دينى ولا أتخذه جسرا لتحقيق المآرب مهما غلا ثمنها. أما فىالجزئية الثانية من سؤالك أحب أن أؤكد أن كلنا كبار وأن تاريخى الأدبي والاعلامىيضمن لى هذه المكانة لذا فأنا لست بحاجة لاشعال حرب مع غيرى بغية الوصول إلى دائرةالضوء فأنا فى الدائرة المضيئة بلا حروب .
الدين والشعر .
*كتبتى الشعربإجادة والقصة القصيرة بحرفية بالغة ووسط هذا الفيض من الابداع الشفاف خرجتى علينابالكتب الدينية قوية المضامين. ألا ترين أن صرخة الدفاع عن الدين لا تتواكب نسبيامع رقة قلم الشاعر والاديب ؟
**لا تعارض فى رأيي بين صرخة الدفاع ورقة القلمفلقد جاور رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فى نصرة رسالته شعراء فرسان يحملون النظمالرقيق والسيف القاطع وعلى الرغم من بُعد المثال والفارق بينى وبين الصحابة أصحابالتاريخ العظيم إلا اننى اردت فقط أن أدلل به على أن الشعر والأدب كانا لسان أمةمسلمة وليس غريبا أن يكون لساننا نحن الأحفاد وأحفاد الأحفاد إلى آخر الزمان . وأضيف أن كتابتى للشعر والأدب تغذى ثروتى الدينية فأنا أجيد التعامل مع اللغة وأعرفمفاتيحها جيدا وهذا الأمر يمنحنى قدرة على الاقناع.
*أشعر من ردودك نرجسيةطاغية وعشق للذات .. ألا ترين أن تواضع الأديبات يقربهم أكثر لقلوب القراءالمتابعين؟
**حب الذات والنرجسية مزايا حولها البعض فى زماننا إلى عيوب وباتوايصفقون لمدعى التواضع بدعوى أنهم الأقرب إلى القلوب ولعلى هنا أسألك لماذا لا أحبنفسى ولماذا أنزل بها إلى درك لا يرضينى، وهذه النرجسية حمتنى من استجداء أصحابالسلطة والنفوذ، ومن التهافت على الشهرة.. ولماذا أتواضع والمقام لا يدعو إلى ذلك. أنا امرأة أحب نادية كيلاني الانسانة والكاتبة والأم وأحفظ لها القدر فى كل وقت،أما عن التواضع فيشهد به غيرى ممن تعاملوا معى عن قرب وحفظوا عنى مواقف كثيرة .
نجاح المنتديات
*كتبتى كثيرا فىالمنتديات وامتدحك قراء الصفحة الالكترونية فيما لم تحمل لك الصحف والمجلات كثيرامن ابداعاتك .. بم تفسرين ذلك ؟
**أفسر ذلك بكلمة واحدة هوعدم قدرتى النفسيةعلى تسويق منتجى الناجح كما قلت قبلا بعدم (استجداء أصحاب السلطة والنفوذ، والتهافتعلى الشهرة) كما أن علاقاتى برؤساء تحرير الصحف تبدو بسيطة رغم عمرى المهنى الطويل،وهذا يرجع إلى انشغالى بماهو أهم من بناء العلاقات وتقريب جسر المصالح. وعلى الرغممن ذلك فانا راضية عن نتاجى المنشور فى الصحف والمجلات الورقية حتى ولو كان قليلا،رغم أننى نشرت فى (الأهرام، والهلال، وحواء، وأكتوبر، والمسا والجمهورية ومجلةالقصة، والمحيط الثقافى، والثقافة الجديدة.. وبعض المجلات والجرائد العربية مثلالرافد الامارات، والوطن العمانية) وقد تبنت أماكن لها قيمتها نشر كتبى مثل هيئةالكتاب ونادى القصة، وتوالى الهيئة الآن نشر سلسلة للأطفال بعنوان (الأستاذفوازيرو) تعد موسوعة فى معنى الأسماء؛ ولكن كله جاء بهدوء ودون لهث ورائه وبطولالزمن، فالعبرة فى نظرى بتأثير الحرف المكتوب لا بالتصفيق الموجه، أما عن الصحافةالالكترونية فأنا على قناعة أنها أصبحت وجها إعلاميا ناجحا بكل ما تحمله كلمةالنجاح من معنى ولا أبالغ إذا قلت أنها منافس قوى وشرس وعنيد للصحافة الورقية.
الحركة الأدبية
* بوصفك أديبة وكاتبةرلها اسم لامع فى دنيا الأدب هل أنت راضية عن الحركة الأدبية فى مصر وماهو تقييمكللجيل الصاعد من الأدباء ؟
**فى رأيي أن الحركة الأدبية فى مصر تسير فى منعطفخطر فلم يعد للأقلام المؤثرة وجود كما كان فى الماضى حتى الأسماء لم تعد رنانة رنينالرعيل الأول وصدقنى اأنا قارئة جيدة قبل أن أكون كاتبة ووسط قراءتى لمائة كتاب لاأصفق إلا لعشرة منها . هذا الفتور الذى اعترى الحركة الأدبية يرجع لغلبة الماديةعلى العصر وركض الانسان المصرى وراء رزقه وسعى الكثيرين إلى دخول مايسمى بعالم البيزنس . كل هذه العوامل جعلت الناس لا تبحث عن كلمة أدبية راقية وقصيدة شعر تلامسالنفس والروح أما بخصوص الجيل الصاعد فأحسب أنه مظلوم فلقد تربي على لغة ومفردات لمنتربي عليها نحن. فنحن تربينا على نغم أم كلثوم وابداعات عبد الوهاب، وهم لهمالله.. فلا يحق لى أن ألوم الأدباء الشبان بل ألوم الزمن المادى الذى غير الالسنة والمفاهيم والأفكار.
*هل نفهم من حديثك ان المخاض الأدبي المصرى لن يقدملنا وليدا معافى واديبا بلسان سليم ؟
**لست متشائمة لهذا الحد بل أرى أن هناكثقاب نور ففى اتحاد الكتاب أرى الطموح الأدبي يملأ عيون كثيرا من الشباب والفتياتممن يخطون الخطوات الأولى فى دنيا الأدب. هذا الطموح هو الوقود الذى سيقودهم لا شكإلى حافة النجاح .
*وماذا بعد الطموح والرغبة ؟ هل ترين انهما عاملانكفيلان بصناعة أديب او شاعر ؟
** لا اقصد ذلك بل يتبعهما قراءة لنتاج الغيروالتعلم على أيدى صناع الكلمة الكبار والوقوف أمام المضامين الثرية وقبل هذا محاولةكتابه مايحبون لا مايفرضه عليهم الغير .. فى رأيى اذا ساندت هذه المقومات الطموحوالرغبة جاء ما اسميته بالوليد معافى سليما يركض على قدميه . مازال ياصديقى الأملموجود مادامت الشمس تشرق علينا فى موعدها .
الدلال والرفاهية
* يقال إن نادية كيلانى أديبة مرفهة ومدللة تكتب بقلم مستريح أو بمعنى أدق لم تدرك مذاق معاناة الفئة الفقيرة فى مصر وتكتب للصفوة فقط هل أنت مع أم ضد هذا الكلام ؟
**لا .. لا أنا لا أكتب للصفوة بل مع الكادحين والتعساء، والكاتب يكتب للجميعبلا تمييز كما اننى لست مرفهة ولا مدلله بل امرأة من عليها الله بالراحة حتىاستقرارها فى بيت الزوجية. وعشت فى كنف أب كريم وزوج يحمل نفس الصفات الكريمةحملانى على أكف الراحة ومهدا لى سبل النجاح، هذا ليس معناه أننى بعيدة عن المعاناة،فالحال السيء يشمل الجميع.
* الرجل أخذ مساحة كبيرة من كتابات نادية كيلانىفماهو التعريف الأمثل له فى قاموسك ؟
**الرجل هو الاخلاص والأمانة والحرص فاذاوجدنا المخلص الأمين الحريص فاعلم أننا وجدنا الكنز المفقود.. وأنا لم أتعمدالكتابة عن الرجل، ولم اتعمد أن أكون لسان حال الأنثى، إنما الحياة رجل وامرأة ففىالعمل القصصى المخطيء منهما هو المدان بحسب منطقية الأحداث.
حواء واتحاد الكتاب
*ماهو تقييمك المنصفلمسيرة عملك فى مجلة حواء؟
** مسيرة صحفية ناجحة وتواجد إعلامى مرض نسبيا،ومساحة من النشر معقولة، وعدد كبير من الصديقات (كل العاملين فى مجلة حواء بلااستثناء أعتز بهم، وليس بينى وبين أحد منهم خصام، ورئيسة التحرير الجديدة إيمانحمزة حبيبتى) حتى بعد خروجى على التقاعد فى العام الماضى هذه هى العناوين البارزةإذا سمحت لى أن أعنون مجلة حواء بعناوين واضحة وأن أنقل رحلتى العملية بأمانةوانصاف.
*اتحاد الكتاب بيت يستجمع صفوة كتاب مصر وأدبائها .. ماذا عنه الآن ؟
** اتحاد الكتاب هو بيت الإبداع إذا جاز لى وصفه بشكل دقيق . وجوده مهم لكنهيحتاج إلى مزيد من تفعيل وتنشيط وهذا الأمر ليس موكولا للقائمين عليه فقط بلمسئوليتنا نحن أيضا الحاضرات دوما لفعالياته . واسمح لى أن أقول أن هذا البيت أكبرمن نادية كيلانى فقد جلس على نفس المقاعد التى نجلس عليها أدباء بوزن الذهب لذافانا أحكى عن أملى وأمنياتى فى البيت ولا أقيم الحق فى تقييمه.
أحتاج العدو
* لكل أديب ناجح وكاتبمتميز أعداء يردونه خطوات عن الهدف ... كيف تتعامل كيلانى مع أعداء نجاحها ؟
** بالتجاهل.. أتجاهل أعداء نجاحى وأفسر ما يسببونه لى من معوقات أنها إرادة الله ومنذأن حفظت الحديث الشريف:
(لو اجتمع الانس والجن على أن يضروك بشيء لن يضروك إلابما كتب الله عليك......) وأنا فى غاية الهدوء ولا أقاومهم وهذا شيء ألام عليهكثيرا ولكننى أفضل سلامى النفسي.. فهؤلاء الكارهون الخير لغيرهم رغم أنه لا يعودعليهم بفائدة مذنبون ومعاقبون من الله على ما يسببونه من أذى، وأنا لم يصبنى إلا ماكتب الله على.
وأحمد ربى أننى رغم كثرة الحاقدين والمانعين للخير لم أتوقف عنالابداع فى كل اتجاه.. مع إيمانى أن الله لايضيع من أحسن عملا.
*هل نعتبراجابتك نظرة فلسفية أم أن للأدباء عالمهم الخيالى وغير المنطقى أحيانا ؟
** اجابتى هى قمة المنطق ولكن للأسف نحن لم نتعلم كيف نرضى ونحرق أعداءنا وندميهم بهذاالرضى وهناك مقولة أيضا اتمثلها دائما وأعيش بها وهى (ابتسامة المهزوم تفوت علىالمنتصر لذة النصر) وفعلا فى اليوم التالى تجدنى ابتسم فى وجه من ضرنى بالأمسوكأننى لم أدرك صنيعته فيتخيل نفسه أذكى البشر.. وقد تسألنى عن الأمس كيف مر؟ اقسماننى نمت مليء جفونى.. فقد كسبت حسنة بالصبر وهو ما كتبه الله على.
الحب فى المقدمة
*الحب هو البضاعة التىيصدرها الادباء والشعراء للعالم .. فهل تملكين منه الكثير ومن أين تستقيه ؟
**الحب فى نظرى هو كل الحياة ولا أظن أن هناك أديبا أو كاتبا أو شاعرا لا يعرفالقيمة الحقيقية لهذا المعنى الجميل .
أما من ناحية منابعه ومن أى مكان أتغذىمنه فصدقنى أننى امتليء حبا كلما رأيت طفلا باسما أو امرأة ساجدة لله أورجلا يرفعيده بالدعاء أو شابا يضرب بمعول الاجتهاد فى الأرض القاسية بحثا عن الرزق .. هذه هىالمنابع التى أستقى منها الحب وأتغذى منها وأعيش.. أما إذا كنت تقصد الحب الخاص فأجده فى النظر لوجه زوجى.
....................................
ـ نُشر هذا الحوار فى شبكة صدانا الثقافية على الرابط التالى

نادية كيلاني.. هذه قصتي مع الصحافة والكتابة:حوار : إبراهيم خليل إبراهيم


نادية كيلاني.. هذه قصتي مع الصحافة والكتابة
حوار : إبراهيم خليل إبراهيم
عشقت الكلمة منذ طفولتها .. عاشت في محراب العلم والموهبة والعطاء .. انقطعت عن الدراسة لمدة 6 سنوات فغاب عنها وحي الإلهام عنها لمدة 6 سنوات ولكنها عادت لتكمل تعليمها فعادوها الوحي إثر قصيدة قرأتها في إحدى المجلات .. كما أجرت الحوارات مع نخبة
رموز الأدب في مصر والعالم العربي منهم نجيب محفوظ ويحيى حقي .. واليوم نحاورها .. إنها الصحفية والكاتبة المبدعة نادية كيلاني حيث التقينا بها يوم الخميس الثالث من شهر يناير 2008 فى نقابة الصحفيين بالقاهرة عاصمة جمهورية مصر العربية وكان هذا الحوار :
*.......................................؟
نادية كيلاني .. من مواليد السابع عشر من شهر أبريل بحي السيدة زينب بمحافظة القاهرة بجمهورية مصر العربية .
*......................................؟
شقيقتي (عائشة) حاصلة على بكالوريوس العلوم (فيزياء) متزوجة وتعمل في المكتب التنفيذي للأشعة بوزارة الصحة ، وشقيقتي (كريمة) إخصائية اجتماعية وتتول إدارة الصم والبكم بمصر الجديدة ، وشقيقتي (نورا) حاصلة على ليسانس دار العلوم وتعمل مدرسة ، وشقيقتي (فوزية) تحاضر لطلاب كلية البنات الإسلامية جامعة الأزهر .. وشقيقي (عبد الحميد) حاصل على بكالوريوس التجارة وهو من رجال أعمال .. وأنا أكبر أشقائي .
*........................................؟
التحقت بمدرسة حسن باشا طاهر الابتدائية وفي الصف السادس اخرجني والدي من المدرسة للزواج فرفضت وبكيت بشدة وانقطعت عن الدراسة 6 سنوات ثم عدت إلى المدرسة الليلية نظام 3 سنوات وحصلت على الشهادة الإعدادية في سنة واحدة ، والتحقت بمدرسة الحلمية الثانوية وبعد حصولي على الثانوية العامة التحقت بكلية دار العلوم .
*..........................................؟
علاقتي مع الأدب والكلمة بدأت مع تعلمي ألف باء وذات مرة سئلت : متي كانت بدايتك مع الكتابة ؟ فقلت : قبل أن اتعلم الكتابة .
*..........................................؟
خلال فترة انقطاعي عن الدراسة كنت أكتب القصة والخواطر والاغاني .
*............................................؟
أثناء دراستي الثانوية كنت أكتب التعبير بأسلوب مميز فاسترعى هذا انتباه مدرس اللغة العربية وكان يعلق على موضوعاتي بتعليقات مازالت بذاكرتي فقد كان يقول ( إذا كان هذا أسلوبك فأنت أديبة) و( إذا كان هذا أسلوبك فحق به أن يتصدر صفحات الصحف ) فذهبت إليه وطلبت منه النصيحة ؟ فنصحني بالإشتراك بدار الكتب وبالفعل ذهبت إليها وقرأت الكتب وكنت استعير بعض الكتب وتمنيت الإلتحاق بكلية دار العلوم لأصبح مثل مدرس اللغة العربية .. وهذا هو سر التحاقي بكلية دار العلوم .
*.............................................؟
أثناء دراستي اشتركت في الندوات الشعرية والأدبية التي كانت تقام داخل الجامعة وخارجها ، وتزوجت ابن خال والدى أثناء دراستي الجامعية فانقطع وحي الكتابة ، وبعد التخرج سافرت مع زوجي إلى القصيم بالمملكة العربية السعودية وعملت بتدريس اللغة العربية ومكثت بها 6 سنوات ثم عدنا إلى مصر وعملت بمؤسسة دار الهلال وتم تسجيلي في نقابة الصحفيين في مدة وجيزة ، ويرجع الفضل لعملي بالصحافة لله تعالي ثم موهبتي والصحفي ( عبد البديع ) الشهير بالعمدة ـ رحمه الله تعالي ـ .
*.............................................؟
بعد انضمامي لأسرة مؤسسة دار الهلال تقابلت مع شاعر أعرفه فاعطاني مجلة تضم قصيدة إليه فقرأتها ووجدت نفسي أعارضها بقصيدة قلت فيها :
بكيت لباك يناجي السحاب
ويشكو حبيبا بأرض بعيدة
تمني لقاها بفصل الربيع
تعود كطير تلبي سعيدة
وظل يجوب بأوهام فكر
خواطر تخبو وأخري وليدة
ينادي طيور الفضاء تعالي
وهيا نغني بأحلي قصيدة
يضم الورود لينسج منها
قلائد ورد وزهر نضيدة
تزين نحرا وصدرا وخصرا
لتبدو بدنيا الربيع فريدة
وقدر هواه وجدتك صمتا
وكنت بصمتك هذا عنيدة
وتستعذبين صراخ الجراح
وبت بتلك الجراح سعيدة
فردي عليه فقد عاش حلما
مع الطير يعلو ويشدو نشيده
ينغم صوتا بعمق سماها
ويعلن في القلب أنت الوحيدة
****
محت خيالا يطوف بدربي
ويخطو به خطوات وئيدة
ويحمل وجها كبدر التمام
علته عيون تبيت سهيدة
بصوت كلحن شجي سمعت
أنا .. ها أنا من دعاها بعيدة
فما كنت بالجسم أبعد عنه
ولا كنت يوما بذهني شريدة
وما شاهد الغدر مني بيوم
فكيف يراني فيه زهيدة
هوايته اللعب بالكلمات
ليشبع نفسا بنظم يجيده
وضاع صراخي هباء كموج
تبدد فوق صخور عنيدة
فليس بغير الخيال يعاني
فظن حرارة قلبي برودة
وليس بغير الخيال أمات
بأنفاس صدري أمال جديدة
تفنن في الكلمات وراح
يخط الخيال حروف قصيدة
ومنذ ذلك الوقت لم تنقطع علاقتي بالكتابة
*.........................................؟
قرأت مجلة حواء بعض القصص فشعرت انني اكتب قصصا أفضل منها فعرضت بعض القصص التي كتبتها علي الصحفية سعاد حلمي رئيسة التحرير فانبهرت بها ونشرت الأولى في الخامس من شهر يونيو عام 1982 ، ونشرت إبداعي في العديد من الدوريات المصرية والعربية منها : الأهرام والمساء والزمان والجمهورية ومجلة الثقافة الجديدة وأكتوبر والقصة والفن وروزاليوسف وسيدتي وإبداع والرافد وأوالي النشر بالإضافة بجانب النشر الالكتروني .
*........................................؟
أصدرت ( حب لم يعرفه البشر ) رواية ، و ( أتهام ) قصص قصيرة ، و ( إحراج ) قصص قصيرة ، و ( أيام مع يحيى حقي ) و توالي الهيئة المصرية العامة للكتاب نشر سلسلة ( الأستاذ فوازيرو ) وصدر منها حتي الآن 9 أجزاء .. و (إبليس في أجازة) مسرحية صادرة عن الهيئة العامة للكتاب
*.......................................؟
جاء كتابى ( أيام مع يحيى حقى ) أن الزميل (مجدي شندي) مدير تحرير جريدة الأسبوع كان يراسل بعض المجلات العربية وكان يعلم عمق علاقتي بصاحب القنديل ( يحيي حقي ) فطلب مني أن أكتب ذكرياتي معه لنشرها في إحدي هذه المجلات العربية ، وكان ذلك عقب وفاة ( يحيي حقي ) ففكرت كثيرا ثم احضرت شريط تسجيل رويت فيه الحكاية واجلست زميلي الشاعر ( محمد الحمامصي ) أمامي ليسأل عما غمض عليه أو مالم يستوف واستعنت بالتسجيلات التي اجريتها مع ( يحيي حقي ) خلال سنوات الصحبة ومن بينها موضوعات نشرت واخرى لم تنشر ثم كلفت أحد الأشخاص لتفريغ هذه التسجيلات على الأوراق حتي تكون جاهزة امامي للترتيب والتعديل والحذف والأضافة ، وتحويلها من لغة الحكي إلى نص أدبي ، وكنت احتفظ بقصاصات كنت أدون فيها أشياء متفرقة كوصف هيئته وهو يملي علي القنديليات والمكالمات التي كنت اجريها معه وبعض النكت التي كان يقولها و الخطاب الذي وصلوا من فلسطين والرد عليهم ، أي انني لم اعتمد على الذاكرة وحدها ، ثم توقفت عن اتمام هذا المشروع تحرجا من الكلام عن نفسي ، وظل الزميل ( مجدي شندي ) يلاحقني وأيضا (نهى يحيي حقي ) التي طلبت مني إنجاز كتاب عن والدها و وعدتني أن تكتب المقدمة ، وبالفعل وفت بما وعدت به وكتبت المقدمة وقام بمراجعة الكتاب الروائي ( محمد القصبي ) وصدر الكتاب عام 2004 .
*..........................................؟
عملت دراسة عن كتاب ( ناس في الظل ) ليحيي حقي ونشرت هذه الدراسة بعنوان ( يحيي حقي و سبعة و ثمانون قنديلا ) في مجلة ابناء الوطن في شهر مارس عام 1992 ، وفي مجلة اقرأ بعنوان (سباحة ادبية في بحار صاحب القنديل) ونشرت في عددين ، أما مجلة الهلال فقد نشرت الموضوع بعنوان (يحيي حقي في حديث ذي شجون) في عدد شهر يوليو عام 1984 وكان العدد الأخير بالنسبة للصحفي ( كمال النجمي ) كرئيس تحرير ، وذهبت لاشكره بعد نشر الموضوع فوجدت الأستاذ (مصطفي نبيل) رئيس التحرير الجديد موجودا عنده فعرفه بي قائلا : نادية كيلاني التي عملت موضوع يحيى حقي ، واذكر أن الكاتب الكبير قال لى : أنا أريد منك أن الذهاب إلى الأدباء وتسأليهم : هل قرأت رواية مرتين وأحدثت فيك نفس الأثر ، وإذا كنت لم تقرأ رواية مرتين فما هى الرواية التي تود أن تقراها مرتين ؟ فمن دراسة هذه الأجوبة تستطيعين التعرف على ما خصائص القصة الجيدة ... وطلب منى الصحفى مصطفى نبيل تنفيذ فكرة الكاتب الكبير .
كما أجريت حوارا مع الأديب الكبير ( نجيب محفوظ ) ونشر بمجلة الهلال في شهر يناير عام 1985 بعنوان ( كشف حساب ) .
*..........................................؟
الكاتب الكبير يحيى حقي كان يهتم باللغة العربية ومن يستمع إليه وهو يتكلم عن اللغة العربية لم يلحظ أبدا جذوره التركية ، وكان يقول ( أنا مغروز في طين مصر وأحب أن يذكرني التاريخ كخادم للغة العربية وليس كأديب ) .
*.........................................؟
سلسلة ( الأستاذ فوازيرو ) يقدم للأطفال الاسم معلومة وفزورة لأن لكل انسان اسمه ولكن هل توقف الانسان يوما امام اسمه وسأل عن أصله وفصله ومعناه في اللغة والعلم وأصوله التاريخية وملامحه الجمالية ؟ هذه السلسلة تقدم للأطفال بل والقارئ كل هذا .
*............................................؟
اكتب للأطفال بعد ان رزقني الله بأخر العنقود ( ندى ) واذكر انني قد اعددت سهرة درامية لإذاعة صوت العرب بعنوان ( السلطان والراعية ) ومدتها ساعة وطلبت من الكاتب الكبير ( يحيى حقي ) الاستماع اليها برغم انني أعلم أنه لايسهر والسهرة سوف تذاع في وقت متأخر ، وبالفعل استمع إليها وفي الصباح طلبني هاتفيا وقال : أريد أن تسجلي عندك أن يحيى حقي سهر ليلة من أجلك ، ثم اشاد بالسهرة وفي الختام قلت له : سوف أذهب إلى المستشفي الآن للولادة ، فدعا لي وتابعني حتي اطمأن علي وكلمني هاتفيا في المستشفى وقال : ماذا وضعت ؟ فقلت : ندى .. وقد ولدتها قيصرية .. فقال : أحسن ، فقلت : لماذا ؟ قال : حتي تأخذي تجارب تكتبين بها فعندما تكتبين عن شئ عايشتيه تكونين صادقة .
*...................................؟
الكلمة : حياة .
الشعر : قطرات الروح .
القصة : اندماج النفس .
الصحافة : رسالة نبيلة لمن يدرك قيمتها .
مجلة حواء : وطن .
القلم : أقسم به الله تعال في كتابه الخالد تقديرا لشرفه وقدره .
.....................................
ـ نُشر هذا الحوار فى منتديات عالم العندليب الأسمر بتاريخ السبت 21 يونيو 2008 رابط :
ـ وأعيد نشره فى موقع ديوان العرب يوم 5/11/2012 على الرابط التالى:
ـ وأعيد نشره فى موقع دنيا الرأى يوم 6/11/2012 على الرابط التالى :
ـ ونُشر هذا الحوار أيضاً فى ملتقى أدباء ومشاهير العرب على الرابط التالى
http://arabelites.com/vb/showthread.php?t=1833

الخميس، 1 نوفمبر 2012

السياسة والأدب والمرأة عند نجيب محفوظ: حوار الأديبة ناديسة كيلانى مع الكاتب الكبير نجيب محفوظ



السياسة والأدب والمرأة عند نجيب محفوظ

حديث أجرته: نادية كيلانى

 السياسة والأدب والأدب والمرأة عند نجيب محفوظ ما أكثر ألوان الحوار التى تمت مع عملاق الرواية العربية.. عشرات.. بل مئات.. ولكن الحوار الذى أجريته معه هذه المرة يأخذ اتجاها آخر.. إنه يعتمد أولا وقبل كل شيءعلي أقوال له سبق أن جاءت في سياق هذا الحوار أو ذاك مما سبق نشره في الصحف والمجلات.. وهى أقوال قد تحتاج إلي تفسير أو تعديل أو تدبير.. وهى في مجموعها كشف حساب..
 حاولت باسم القراء أن أضعه أمام نجيب محفوظ الذى حاول أن "يصفيه" .. في عيد ميلاه الثالث والسبعين بكل صراحة، وبكل الرغبة في البعد عن لباقته "الدبلوماسية" المعروفة.
 بدأت حديثي معه قائلة:
 - انت متهم بالدبلوماسية في الإجابة عن الاسئلة التى توجه إليك ؟
 أجاب على الفور:
 = والله لو كنت من النوع الذى يهرب من الإجابات المحرجة لما أعلنت أراء أظن أنها أحدثت ضررا كبيرا على المستوى العربي كما تعلمين فإعلان آرائي السياسية مثلا انتهى بتقرير مقاطعتي في جميع البلاد العربية.. فأين الدبلوماسية هنا.؟
 - علي كل حال فأنا أطمع في إجابات خالية من الدبلوماسية.
 ابتسم وقال:
 = لك هذا.. ستكون إجاباتي خالية من الدبلوماسية.
 - كان من أمنياتك بعد سن الستين أن تكتب ثلاثية عن ثورة يوليو لأن الثورة كما قلت سيكون قد مضي عليها سنوات عديدة وأستطيع أن أكتب عنها رواية طويلة.. أين هذه الثلاثية وأنت في السبعين.
 = هناك أمران إذن.. الكتابة عن فترة الثورة فقد تمت بالفعل في روايات عديدة مثل "ميرامار- ثرثرة فوق النيل – الطريق - واللص والكلاب – الكرنك - والباقي من الزمن ساعة"  فكل هذه الروايات تاريخ موجز لكل ثورة يوليو وهى قد أغنت عن الثلاثية لأني عالجت فيها الموضوعات التي كان من الممكن أن تدخل في الثلاثية، ثم إن الزمن وإيقاعه أصبحا لا يحتملان ثلاثية.
 - قلت في السبعينات "إن الحركة الإبداعية بالفعل أكثر تقدما وغنى من الحركة النقدية المصاحبة لها" فماذا كانت النتيجة.؟ وكيف نستطيع توزيع المسئوليات.؟
 فكر بعمق وأجاب:
 = الحقيقة أن الأدب ومع طول الفترة التي عاصرته فيها – لم توجد فيه أزمة من ناحية الإنتاج، فكل جيل يعطي عطاءه، سواء جيل الرواد وهم اساتذتنا ثم جيلنا، والجيل الثالث والرابع، وحتي السبعينات والثمانينات كان التأليف مستمرا، والنشر يتم بهذه الطريقة أو تلك.. المهم أنه لم توجد أزمة في الانتاج ربما وجدت أزمة في النشر، أو أزمة في النقد ولكن الإنتاج لم يتوقف أو يقل أو يصبح هزيلا.
 والنقد نتاج لأشياء كثيرة.. يحتاج لمكان ينشر فيه.. فالناقد لا يمر علي المقاهي ليقول رأيه، إنما يريد مجلة أو صفحات أدبية  تتسع لكلامه، وأزمة النقد أساسا أنه لا يوجد له مكان، ولا يوجد له حسن جزاء، وعندما يتوافر المكان وحسن الجزاء يوجد النقد؛ بدليل أن صفحة الأخبار الأدبية أوجدت حركة نقدية للشبان في وقت من الأوقات، ومجلة المصور أحدثت حركة نقدية بفضل الدكتور علي الراعى.
 - وقلت ذات يوم في حدود تجربتي اقتنعت بأن تدخل المؤلف في عمله – عندما يتحول إلي أداة تعبيرية أخرى يهدده.. لماذا غيرت رأيك الآن وقررت أخيرا كتابة السيناريو.؟
 = أنا لم أفعل هذا إطلاقا، والخبر الذى نشر بهذا الشأن ليس له أساس من الصحة.
 - إذان نطلب منك تفسيرا لعدم كتابة سيناريو لأعمالك الروائية بالرغم من أنك كتبت السيناريو لأعمال أخرى.؟
 = أيام كنت أكتب السيناريو لم أقترب من أعمالي لأنني أعتقد أن صاحب العمل الأدبي لا يحسن كتابة السيناريو لعمله، مثل الطبيب فإنه لا يستطيع أن يجري عملية جراحية لنفسه، وكانت النتيجة أن الثلاثية تحولت في السينما إلي رقصات وخمر وعرى، كما تحولت الطريق إلي مطاردة، وأميرة حبى أنا إلي جنس ورقص، والكرنك إلى تجارة.
 - ألا تعتبر نفسك مذنبا في حق الشعب الذى فسد ذوقه وأصبح "عاوز كده" وفي حق التاريخ الذى احتفظنا له بواقع مطموس ومسطح؟
 = طبيعى أن الروايات عندما تنتقل إلي السينما أو التليفزيون تتغير، لأن فنا جديدا يتناولها، ومن حقه أن يعطي رؤيته. لابد أن يحدث.. فالسينما ليست ترجمة ولا التليفزيون كذلك. وما ينبغي لهما أن يكونا هكذا.. إنها مسألة إعادة خلق.
 - ولكن السينما العالمية استطاعت أن تجسد الروايات وتخلق منها قمما فنية تقترب من القمة الأدبية، والأمثلة علي ذلك كثيرة نذكر منها رواية "زوربا" مسرحية "هاملت" "والحرب والسلام" و "د. زيفاجو".. ألخ.
 أجاب:
 = السينما العالمية أيضا غيرت في الروايات. ولكن المسألة في نوع التغيير. وهى مسئولية الفنان السينمائي من ناحية والناقد من ناحية أخرى. وإعادة الخلق هذه يصح أن تكون في مستوى الرواية أو أفضل منها أو أقل. حسب الطاقة الفنية للقائمين بالعمل.
 - في سنة 69 عندما طلب منك أن تقدم نصيحة للشباب قلت: أحسن نصيحة أقدمها للجيل الجديد هو ألا يستمع لنصيحة أحد من الجيل السابق.. لماذا.؟ ألئن نصائحهم مضللة.؟
 = لا .. أبدا.. لأنها تعكس قيم جيل قديم، والشباب جيل ونحن جيل، فأنا أنصحه بقيم ربما لم يعد يؤمن بها، فما فائدة النصيحة.
 = استطيع أن أقول لهم ماذا فعلت، ماذا اعتقدت، ولكن لا أستطيع أن أقول لهم اتبعوه لأن زمنه فات.
 - ربما لأنك تعتقد أن الشباب أو الجيل الجديد بالذات لا يقبل النصيحة.؟
 = ليس هذا فقط.. وإنما لأن له قيما أخرى.
 - فريق يرى أن أدب نجيب محفوظ عقبة في تطور وتقدم الرواية العربية لأن سرعة العصر قد تجاوزته، وفي ردك على هذا القول قلت:
 من الطبيعى جدا أن تتغير الأذواق والأساليب والرؤى.. فهل ترى أنك لا تجاري العصر.؟
 = أنا أعتقد أن لكل جيل رؤيته ولابد أن يأتي زمن تصبح فيه رؤيتنا قديمة.
 - ولكن المفروض في الأديب الذى يقرأ كثيرا ويطلع على كل جديد وأن يتطور مع العصر؟
 = مهما تطور فلابد أن تظل فيه رواسب تشده لقيمه.
 - قلت: إن ديموقراطية التعليم وانتشاره قد خلقت لنا الأدباء بالمئات –بل بالألوف- هل ترى معنى ذلك أن التعليم قد أظهر أدعياء للأدب.؟
 = لا بل أظهر الأدباء أما عن ظهور أدعياء أدب فهذا أمر لا صلة له بينه وبين ديموقراطية التعليم.. أدعياء الأدب موجودون في كل زمان ومكان قبل ديموقراطية التعليم وبعدها.. ألا يوجد أدعياء في الطب.. يفتحون عيادات ثم يكتشف أمرهم.؟ كيف إذا لا يوجد أدعياء بين الشعراء والكتاب.؟
 - في سنة 74 قلت: إن التنمية الاقتصادية ليست مطلوبة لذاتها، بل هدفها أن يجد الإنسان غذاءه ومسكنه وملبسه وتعليمه وثقافته، وإن لم يتحقق هذا فلا فائدة من أى تطور في هذا المجال، وتصورت سيادتك أن الحل في الاشتراكية، ودعوت أيضا إلي الانفتاح.. ماذا تقول اليوم وقد حدث الانفتاح وانقلب الميزان.؟
 = في الواقع أن الانفتاح الذي حدث ليس هو الانفتاح الذي في أذهاننا علي الإطلاق، كنا نفهم أن الانفتاح هو الذي نطور به انتاجنا الصناعي والزراعي، مثل الانفتاح الحاصل في الاتحاد السوفييتي مثلا. وعندما يأخذ تكنولوجيا من الغرب وهكذا.. وليس الانفتاح أننا نأتي بالكماليات أو نستورد فواكه.. وما إلي ذلك، وبالتالي ما حدث جاء علي غير ما كنا نتصور أو نتوقع، وكانت نتيجته سيئة جدا.
 - وهل هناك من أمل في إعادة ترشيد الانفتاح.؟
 = إنهم يفعلون هذا الآن لقد أصبح الانفتاح الآن من أجل الانتاج كمبدأ، وربما لم يسيروا فيه مائة في المائة، إنما هذا هو الاتجاه.
 - إذن أنت متفائل بالمستقبل.؟
 = أعتقد هذا.
 - أردت تقسيم الصحافة للمحافظة علي تحالف قوى الشعب، بحيث تمثل واحدة من الصحف الخط الرئيسي لثورة يوليو، وأن تمثل الصحيفة الثانية التيار الليبرالي، وتقتصر الثالثة علي تمثيل الاتجاهات اليسارية، ما رأيك في هذه الفكرة الآن.؟ خاصة ونحن في زمن الأحزاب وكل حزب له صحيفته.؟
 = رأيي أننا لم نستكمل الديموقراطية بعد، وأن قوانين الأحزاب يجب أن تلغى ونطلق حرية تكوين أحزاب بلا قيد أو شرط فهذا حق أساسي من حقوق الانسان، وإذا حدث هذا فسوف توجد الأحزاب التي تمثل التيارات الأساسية الموجودة الآن، والتي نستطيع أن نسميها بالتيار الديموقراطي الاشتراكي –أو ثورة يوليو– والتيار الليبرالي، والتيار الشيوعي، والتيار الديني، هذه هي الأحزاب التي لها قواعد في الشارع، والتي يجب أن تتكون بحرية، ولكن القانون يمنع تكوينها.
 - قلت إنك بعد الثورة توقفت لفترة عن الكتابة، فما هي صفات الفترة السياسية التي تدعو الأديب إلي التريث والتأمل، وترك القلم إلي حين.؟
 = عندما يحدث تطور سريع، تغيم الرؤية ولا تصبح واضحة.. حنئذن يحتاج الأديب إلي تأمل ما حوله وفهم معناه، وهذا ما حدث بعد ثورة يوليو.
- سبق أن قلت: إن كمال عبد الجواد في الثلاثية يمثل فترة من فترات "نجيب محفوظ" فهل لو وصل كمال عبد الجواد إلي سن السبعين ستكون شخصيته نجيب محفوظ الآن.؟
 = لا أعرف.. فقد قلت إن "كمال عبد الجواد" يمثل عقلية جيلنا، والحقيقة أنني لم أطرح هذا السؤال، ولم أتتبع حياة "كمال عبد الجواد" بالدقة الروائية حتي أبلغ به سن السبعين.
 - قلت إن المستقبل يحمل مفاجأة غير سارة لرجالنا، فمتاعب الرجل ستكون متاعب خسارة، ومتاعب المرأة ستكون متاعب كسب، سيكون علي الرجل أن يدرب نفسه علي التنازل عن الجزء المريح في حياته، الجزء الذى كان يمارس فيه سلطات استبداده.. فلماذا لم يحدث هذا وحدثت الردة.؟
 = أنا أتكلم عن التطور الطبيعي.. والتطور الطبيعي أدى إلي هذا الذي تنبأت به.. والردة تتمثل الآن في شكل مطالب.. مجرد مطالب، ولكن الواقع غير المطالب، فالمرأة الآن تمارس التعليم، وحق العمل، والاستقلال.. الخ. أما أن توجد تيارات تطلب بالعودة وتذهب إلي أن ما حدث كان خطأ.. الخ فهذه مطالب، لكن التطور ماض في طريقه، والرجل الآن غير الرجل في الماضي، والمرأة الآن تختلف عن المرأة أيام زمان.
 - وقلت لا أريد لابنتي أن تكون تحت رحمة رجل.. فهل يعني هذا أنك مع قانون الأحوال الشخصية الجديد.؟
 = أعني أن يكون لها عملها واستقلالها الاقتصادى، وأعنى أن تكون شريكة رجل وليست تحت رحمته، وهي الآن عاملة.
 وبالنسبة لقانون الأحوال الشخصية فالحقيقة أنني لم أدرسه تماما.
 - ولكنك وبكل تأكيد تعرف النقاط التي يدور حولها الخلاف.؟
 = ذكريني بها.
 - مشكلة الشقة فهي للزوجة طوال فترة الحضانة.
 = هذا عدل فالمفروض مراعاة الجانب الأضعف وهم الأولاد.. أم ترى يرميها في الشارع هي والأولاد.؟
 - والمشكلة الثانية هي إخبار الزوجة الأولى في حال زواجه بالأخرى.
 = وهذا عدل أيضا.. لابد أن يخبرها.. لماذا الاعتراض إذن.؟
 - في سنة 59 كانت أمنيتك أن تتزوج بنت مسكينة ومقطوعة من شجرة وتريد أن تعيش ولا تعرف الكوافير أو الأوبرج ولا النادى ولا بيت الخياطة.. فهل تحققت أمنيتك.؟
 ضحك وقال:
 = قولي خمسين بالمائة منها.
 - لو أنك الأن شاب في 1984 وتريد أن تتزوج ما هي مواصفات الزوجة.؟
 = أن تكون متعلمة وعاملة لتساعدني في المعيشة، ويا حبذا لو كان عندها شقة.
 قلت حتي إذا حدث خلاف لا تحزن علي الشقة.. وضحكنا معا.
 - إذا أراد نجيب محفوظ الكاتب أن يحاكم نجيب محفوظ الانسان.. فماذا يقول.؟
 = أحاسبه مر الحساب علي عدم رغبته في السفر، وأنه ضيع علي نفسه فرصة كان يستطيع من خلالها أن يرى العالم كله في الشرق والغرب.. من الاتحاد السوفييتي إلي الولايات المتحدة.. فمن كل هذه الأماكن جاءتني لها دعوات وضاعت.
 - ربما كان عدم السفر هذا هو الذي منحك الاستقرار وفرصة كتابة هذا العدد الهائل من الروايات.؟
 = أبدا.. كنت كتبتها أيضا ووسعت الرقعة التي أعبر عنها.
 - والعكس لو أراد الانسان في نجيب محفوظ أن يحاكم الأديب.؟
 فكر طويلا طويلا وقال:
 = الحقيقة لا أجد شيئا أحاسبه عليه.
 - من أقوالك: العمل الفني كالأمومة، يجب أن ينمو في داخل الأديب حتي ينضج وإلا كان إجهاضا.
 - ومن أقوالك أيضا: الفن شجرة كبيرة نامية، وكلنا نأخذ من هذه الشجرة.
 - ومن أقوال المفكر"هبرت ماركيوز" الفن في أعمق مستوياته احتجاج علي ما هو كائن. ومن هنا بالذات يصبح الفن قضية سياسية، فأى الأقوال الثلاثة في رأيك أقوى وأصدق في الدلالة علي الفن.؟
 = هذا أتركه لك.
 - ما هي أهم القضايا التي تشغل بال أديبنا الكبير الآن.؟
 = قضايا البلد لا تترك للإنسان فرصة التفكير في أى شيء آخر- عجز الموازنة – الهياكل المخربة- سلبيات السد العالي- الكثافة السكانية- مستقبل البلد- كل هذه الأشياء تشغل تفكيرنا جميعا.
 - هل تقترح حلولا لهذ الأزمات.؟
 = ها نحن نكلم أنفسنا ليل نهار فيها.
- ونتيجة الكلام ليل نهار.؟
 = إننا نتابع أخبار التنمية وعندما تأتي فرصة لنعبر عن وجهة نظرنا نكتبها في أى مكان.
 - بالنسبة لسلبيات السد العالي هل تري أن نعالجها بأن نهدم السد.؟
 = بالتأكيد نعالج السلبيات فعندما نعالج هذه السلبيات يصبح السد العالي أعظم مشروع أقيم في مصر.. فالقضايا الداخل طغت علي الإنسان لدرجة أنه أصبح لا يهتم بالقضايا العالمية الأكثر منها خطورة مثل الحرب النووية، والتلوث.. كيف أعطي لنفسي شرعية التفكير في حرب نووية وأنا أشمر ملابسي وأنا أعبر المجاري، أو أخشي أن أقع في حفرة.؟
 - هل قرأت رواية مرتين وأحدثت فيك نفس الأثر.؟ وما هى هذه الرواية.؟ وإذا كنت لم تقرأ رواية مرتين فما هي الرواية التي تحب أن تقرأها الآن.؟
 = لا أذكر أنني قرأت رواية مرتين فلكثرة القراءات التي يجب أن أقرأها أفضل أن أقرأ شيئا جديدا علي أن أقرأ الشيء نفسه مرتين.
ولكن توجد روايات كثيرة أتمني أن أقرأها مرة أخرى مثل الحرب والسلام- البحث عن الزمن المفقود- وأتمني أن أقرأ أشياء كثيرة أخرى مرة ثانية، ولكن لأنى أقرأ كثيرا وأشياء متنوعة جدا، من العلم إلي الفلسفة، ومن الحضارة إلي الأدب والفن فإني "استخسر" أن أقرأ الرواية مرتين رغم شوقي إليها، إنما الشيء الذي أقرأه وأكرر قراءته كثيرا هو الشعر. لأنه سهل موجز، والشعر الفارسي بالذات وبعض الشعر الهندى محبب لي جدا. فكل يوم استصبح به، فالرواية ليست سهلة وقد تحتاج إلي شهر أو أسبوعين بينما الشعر أستطيع أن أقرأه أثناء شربى القهوة في الصباح، وقبل خروجي من البيت أستطيع أن أقرأ قصيدة.
 - وآخر ما تكتب الآن.؟
 = عندى بعض الأفكار البسيطة لقصص قصيرة أكتبها.
 - لأن العصر لا يحتمل رواية طويلة.؟
 = والله لو جاءت طويلة أكتبها.
 انتهى كشف الحساب مع الأديب الواقعي الشديد الارتباط بالواقع المصرى والذى يشعر بالانقباض كلما فكر في شراء تذكرة سفر أو تلقي دعوة لمغادرة الأراضي المصرية.
**********
 هذا حوارى مع نجيب محفوظ نشر بمجلة الهلال سنة 1985  
موقع أروقة الجنون  30/8/ 2009