الأربعاء، 1 ديسمبر 2010

الكتابة النسائية مشاركة إيجابية في المجتمع: حوار: محمد الحمامصي



الكتابة النسائية مشاركة إيجابية في المجتمع
حوار: محمد الحمامصي
فاجأتنا الأديبة نادية كيلاني وعام 1997 يلملم آخر حكاياته بصدور مجموعتها القصصية بعنوان "اتهام".. والمجموعة تضم 33 قصة قصيرة بأطوال مختلفة وهي صادرة عن سلسلة قصص عربية.. الهيئة العامة للكتاب فكان لنا معها هذا الحوار:
*متى بدأت تجربتك مع الكتابة.؟
-بدأتها كما يقولون منذ نعومة أظفاري.. فقد كنت صغيرة جدا وأتخيل قصصا وحكايات.. وأتهم فريد الأطرش أنه أخذ أغنيتي وغناها.. ثم بدأت أحمل قلما صغيرا في جيبي ولا أفارقه أبدا، أكتب به، وكثيرا ما كتبت على الحائط وعدت لنقل ما كتبت.
*بين صدور روايتك الأولى "حب لم يعرفه البشر" وصدور هذه المجموعة زمن قدره عشر سنوات.. ما المبررات التي دفعتك إلى التوقف طوال هذه السنوات.؟
-لم أتوقف، فقبل الرواية وبعدها وأنا أكتب القصة القصيرة، وأنشر ما يكتب له النشر في مجلات وجرائد متفرقة.. وكتبت أيضا مسرحية طويلة هي الآن تحت الطبع، وكتبت سلسلة من كتب الأطفال يكتسب منها الطفل المعلومات من خلال اسمه بعد أن أقدم له اسمه منغما شعرا على هيئة فزورة، وبذلك يحصل على اسمه "فزورة ومعلومة" وهذه المجموعة "اتهام" أمضت خمس سنوات في هيئة الكتاب حتى آن لها أن تخرج إلى النور.
*ما الأفكار الأساسية التي يطرحها عالمك وتسعين إلى توصيلها للقاريء.؟
- إعادة صياغة الواقع وإبراز أسباب إحباطاته، وما يدعو إلى التفاؤل، فالواقع والحال خيره وسيئه يشغلني جدا وإليه أسعى أحيانا بالسرد المباشر أو بالرمز الواضح أو بالخيال العلمي الذي يحمل في طياته التنبؤ بما يجب أن يفعل لنصل به إلى صيغة جديدة.
ولعل عنوان المجموعة "اتهام" يدل على محتواها رغم أنه اسم إحدى القصص بالكتاب فلا يعني أنها أجودها، ولكن يعني أنه عنوان شامل لمضمون الكتاب، فإن لم توجه للشيء الاتهام لن ترجو منه اصلاحا..
ففي كل قصة تقريبا أوجه اتهاما سواء للواقع أو للحال أو للمرحلة أو لإنسان أو لسلوك، والقص لا يطرح حلولا ولكنه يضع يدنا على ما يؤلمنا ويتنبأ لنا بالمستقبل، إن لم نغير هذا الواقع بالاجتهاد وإلا نكون بذلك محل اتهام.
ونعود لبداية السؤال وهو ما الأفكار الأساسية وأقول:
في القصة الأولى "زوجتي يا سادة" تصوير لمراحل حياتنا التي عشناها منذ الثورة وحتى اليوم، وما سيئول إليه حالنا لو بقينا بلا هدف أو بلا عمل.
القصة الثانية "واكتحلت عين الشمس" ربما تنبأت فيها بقناة توشكى وترعة السلام معا وهو بناء مدينة كبيرة وفي حجم المدينة التي نعيش فيها بتضافر كل الجهود وبأقل الإمكانات ولو اضطر الأمر إلى توقف أي نشاط في المدينة القديمة والزحف إلى الصحراء وتعميرها.. فالتوقف لمدة عام واحد نستثمره في بناء مدينة جديدة أفضل من العمل الذي يؤدي بنا إلى التأخر أعوام.
في قصة "الهانم والبائعة الصغيرة" إشارة إلى انقلاب الهرم الاجتماعي لعلكم تتنبهون أيها السادة.
في قصة "تتابع" تصوير لحال أحدنا منذ أن يستيقظ وحتى ينام، وفيها دليل انتكاسة نظرية "النشوء والارتقاء".
في قصة "رائع.. لولا" إظهار حال الروتين وما يفعله بنا.
في قصة "الدرس الأخير" إظهار كيف نصنع بأيدينا ما يدمرنا.
أما قصة "حتى لا يقتلني ابني" تصوير مدى الهلع الذي يصيب الأم إذا سمعت بأن هناك من قتل أمه وأباه.. ولكن هناك حلا ألا وهو الدين.
أما القصة التي أخذت المجموعة عنوانها فهي تبين كيف نسيء الظن ونتمادى فيه حتى يصل بنا إلى اتهام بريء.. ثم نوقع أنفسنا فيما وقعوا فيه.
*وماذا عن رأيك في الكتابات النسائية اليوم.؟
-الكتابة النسائية اليوم تطورت بشكل ملحوظ، فلم يعد اهتمام المرأة بتصوير حالها منفصلة عن المجتمع، بل أصبحت مشاركة ايجابية في مجتمعها، والدليل أن القصص التي عرضتها عليك آنفا كلها تجارب انسانية ومعايشة فعلية لما يدور من حولي وأنا امرأة..
والكتاب أيضا لا يخلو من قصة تصور حال المرأة ولكن أيضا في إطار انساني.
ولسنا في مجال الدفاع عن المرأة من خلال كتاباتها أو ادانتها، وأرى أن السؤال مستهلك لمجرد الفصل بين كتابات المرأة وكتابات الرجل.
ولماذا لم يطرح سؤال يقول: ما رأيك في الكتابات الرجولية.؟
وأقول لك: في معظمها إدانة للمرأة بغير وجه حق، وهي كتابات مستعدة لأن تزيف التاريخ من أجل إدانة المرأة؛ فرواية "أولاد حارتنا" مثلا يجعل نجيب محفوظ المرأة هي التي خانت المسيح في حين أن أحد أتباعه هو الذي وشى به.. وقس على ذلك.
*هذه المجموعة الأخيرة ماذا تمثل لك في سياق تجربتك.؟
- هذه المجموعة أولا من حيث أفكارها فهي أفكاري وأعتز بها في إطار اهتمامي وما أريد أن أقوله وأن أوصله ومن حيث التناول، فأقول إن كل قصة تفرض شكلها ولغتها وطريقة عرضها.. ولذلك أعتقد أنه ليس لي وتيرة واحدة أكتب بها ولا مدرسة بعينها أنتمي إليها، وقد ظهر هذا في كتاباتي منذ البدايات، ولفت نظري إلى هذه الخاصية أديب معروف قرأ لي في بداياتي قصتين فكان تعليقه، هذه من مدرسة وتلك من مدرسة أخرى فكان ردي أنني تعلمت الأدب تحت الشجرة وليس في مدارس..
وتمثل هذه المجموعة بالنسبة لي مرحلة لا أسقطها أبدا مهما اتخذت كتاباتي مناح أخر.
حواء/ 27ديسمبر 1997